حكاية أول مرصد فلكي في التاريخ | المرصد المأموني

ما هو أول مرصد فلكي في التاريخ

مرصد الشماسية أو المرصد المأموني، أول مرصد فلكي تم بناءه في التاريخ كان في إحدى عصور الدولة الإسلامية وتحديداً في عهد الخليفة المأمون العباسي، فقد برع المسلمون الأوائل في شتى مجالات العلم من الفلك والطب والجغرافيا والفلسفة وعلم البصريات وغيرها، والمرصد المأموني تم بناءه للرصد الفلكي يقع في الشماسية ببغداد، ويعد المرصد الفلكي الأول في الحضارة الإسلامية، بُني في زمن الخليفة المأمون بن الرشيد سنة 214 هـ وكان تابعًا لبيت الحكمة وتحت إشراف الفلكي "سند بن علي"، وأحمد المروزي الشهير بحبش الحاسب. وتمت في المرصد أولى عمليات الأرصاد الفلكية في التاريخ الإسلامي والعالم أجمع.

حكاية أول مرصد فلكي في التاريخ |  المرصد المأموني ما هو أول مرصد فلكي في التاريخ مرصد الشماسية أو المرصد المأموني، أول مرصد فلكي تم بناءه في التاريخ
حكاية أول مرصد فلكي في التاريخ |  المرصد المأموني

أول مرصد فلكي في العالم

المرصد المأموني الذي أقيم في الشماسية بطلب من الخليفة المأمون هو أول مرصد فلكي في الإسلام كان اهتمام المأمون بعلم الفلك غالباً على اهتمامه بمجالات العلوم الأخرى ولذلك أمر العلماء أن يقيموا مرصدًا فلكيًّا لقياس الكواكب ومعرفة أحوالها، وقد تحدث صاعد الأندلسي عن اهتمام المأمون بعلم الفلك وجهوده في ذلك،

فقال: لما تولى المأمون الخلافة رغبت نفسه الفاضلة في إدراك الحكمة، ووقف علماء وقته على كتاب المجسطي (لبطليموس)، وفهموا صورة آلات الرصد الموصوفة فيه، ثم جمع المأمون علماء عصره من أقطار مملكته، وأمرهم أن يصنعوا مثل تلك الأدوات، وأن يقيسوا بها الكواكب ويتعرفوا بها أحوالها كما صنع بطليموس، ففعلوا ذلك وتولوا الرصد بمدينة الشماسية من بلاد دمشق من أرض الشام، سنة أربع عشرة ومائتين (214هـ)، فوقفوا على زمن سنة الشمس، ومقدار ميلها وخروج مركزها، وعرفوا مع ذلك بعض أحوال باقي الكواكب من السيارة والثابتة، فقيدوا ما انتهوا إليه، وسموه بالمرصد المأموني.

ويفهم من كلام صاعد الأندلسي أن إنشاء المراصد بدأ سنة (214هـ= 829م) تقريبا عندما أمر الخليفة المأمون العباسي بإنشاء عدد من المراصد، وبإجراء دراسة مقارنة للمعلومات التي جاءت في كتاب المجسطي لبطليموس، سواء في صميم علم الفلك أو في المراصد والآلات المستخدمة فيها؛ لرصد حركة الكواكب وما جاء فيها، ومن ثَمَّ أقيم المرصد المأموني بالشماسية بدمشق تحت إشراف الفلكي سند بن علي، وأحمد المروزي.

وقد عمل في هذا المرصد عدد من مشاهير الفلكيين، منهم: يحيى بن أبي منصور، والعباس بن سعيد الجوهري، وخالد بن عبد الملك، وأبناء موسى بن شاكر، وثابت بن قرة، وفي الوقت نفسه أمر المأمون بإنشاء مرصد في دمشق على جبل قاسيون، فأنجز وبوشر العمل فيه في السنة نفسها.

اقرأ في: لماذا يتم دفن الصقر بعد اصطياده مباشرة

علماء المرصد

ومن العلماء الذين رصدوا في مرصد الشماسية الفلكي يحيى بن أبي منصور والفلكي العباس الجوهري والفلكي سند بن علي، استخدمت في المرصد آلات فلكية صنعت على غرار الآلات الفلكية اليونانية.

كان يجري في المرصد تدريس الفلك، وكان الطلاب يجربون ما يدرسونه من نظريات علمية، عمل فيه فريق من الفلكيين والمنجمين والجغرافيين والرياضيين، كما كان يعمل فيه بعض الفلكيين الذين كانوا يعملون في بيت الحكمة أو كانوا مسؤلين عن أقسام فيه، منهم أبو سهل الفضل بن نوبخت، ومحمد بن موسى الخوارزمي الذي أمره المأمون بعمل الزيجات لحركات الكواكب وقياس درجتين أرضيتين لإمكان تقدرير حجم الأرض بصورة أدق من ذي قبل، كما أمره برسم خريطة جعرافية كبيرة، وله كتب فلكية منها: صنعة الإصطرلابات، وذات الحلق، والأمطار والرياح، ومن علماء المرصد يحيى بن أبي منصور الفارسي وكان أحد أصحاب الأرصاد زمن المأمون وله من الكتب: كتاب الريح الممتحن، ومقالة في ارتفاع سدس ساعة لعرض مدينة السلام. وقد اعتمد عليه المأمون اعتمادًا كبيرًا حين قرر بناء مرصد الشماسية مع نخبة من العلماء.

ممن عملوا في المرصد أبناء موسى بن شاكر، وكان أبوهم فلكيًا ورياضيًا، ومن المنجمين الذين عملوا في المرصد سند بن علي اليهودي وكان مسؤلًا عن الأرصاد في المرصد، من كتبه: المنفصلات والمتوسطات، والحساب الهندي، والجمع والتفريق، والجبر والمقابلة، ومن علماء المرصد أحمد بن عبد الله المروزي الذي ألف كتاب الزنج المأموني، والأبعاد، وعمل الإسطربلات، وجعفر بن محمد البلخي، وعمر بن الفرخان الطبري أحد رؤساء الترجمة والمحققين بعلم حركات النجوم وأحكامها.

اقرأ في : هارون الرشيد الخليفة المُفْتَرى عليه

اقرأ في : تفاصيل الصراع بين الأمين والمأمون

إنجازات المرصد المأموني

لعب المرصد دورًا مهمًا في علم الفلك، فأكثر علمائه من التأليف، وكانوا يقومون بالتجارب داخله لمعرفة مواقع الكواكب والنجوم ودراسة أبعاد الأرض، كما اخترعوا أجهزة كثيرة في ميدان الفلك.

من إنجازات المرصد إصدار جداول فلكية جديدة عرفت بالأزياج الفلكية. الأزياج هي جداول حسابية تبين مواقع النجوم والكواكب، والعلماء الذين قاموا بعمل أزياج للخليفة المأمون هم: سند بن علي وأحمد بن عبد الله المروزي وعلي بن عيسى الأسطرلابي. من أشهر أزياج المروزي: المؤلف على مذهب السند هند، وقد خالف في كثير منه الفلكيان الفزاري والخوارزمي، وزيج الممتحن، وهو أشهر أعماله في علم الأزياج، وقد ألفه بعد رحلته التي طلب إليه المأمون فيها قياس محيط الأرض، وضمنه حركات الكواكب، والزيج الصغير، كما أن له زيجين آخرين أقل شهرة هما الزيج الدمشقي، والزيج المأموني.

حكاية أول مرصد فلكي في التاريخ |  المرصد المأموني ما هو أول مرصد فلكي في التاريخ مرصد الشماسية أو المرصد المأموني، أول مرصد فلكي تم بناءه في التاريخ
مرصد الشماسية - المرصد المأموني

كما أنه تم تشكيل بعثتين علميتين للتحقق من حساب بطليموس لمحيط الأرض بأمر من المأمون، وكانت البعثة الأولى مؤلفة من سند بن علي وأحمد بن عبد الله المروزي وغيرهما، والبعثة الثانية مؤلفة من علي بن البحتري وعلي بن عيسى الأسطرلابي، كانت مهمة البعثتين قياس قوس يقابل مقدار درجة من أعظم دائرة من دوائر منتصف النهار، ودائرة منتصف النهار هي الدائرة التي تكون فيها الشمس بمنتصف النهار، وعندما تتحرك هذه الدائرة بمقدار درجة فهي تعادل درجة على سطح الأرض.

سارت البعثة الأولى إلى ما بين واسط وتدمر، وقاست هناك مقدار درجة من أعظم دائرة تمر بسطح الكرة فكانت 57 ميلاً، أما البعثة الثانية فقد سارت إلى برية سنجار وهي صحراء واسعة بين نهري دجلة والفرات على اعتبار أنهم كانوا يبحثون عن أرض منبسطة ليستطيعوا القيام بقياساتهم، وكانت نتيجة قياس البعثة الثانية 56.25 ميل، ويكون متوسط القياسين 56 وثلثي الميل.

اختلف العلماء المتأخرين على مقدار طول الميل العربي، ولكن كل حساباتهم التي أجروها على نتائج بعثة المأمون تشير أن البعثة قامت بحساب دقيق لمحيط الأرض وأن أرقامهم قريبًا جدًا للرقم العلمي لمحيط الأرض البالغ 40.075 كم عند خط الاستواء.

اقرأ في:كيف يصنع عسل النحل ومعلومات غريبة عن عالم النحل 

اقرأ في:معلومات غريبة عن الذئب الحيوان الذي يقتل الجن

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -