غزوة بدر الكبرى |
بدر أول معركة بين المسلمين وقريش
قصة سواد بن غُزية في بدر
في غزوة بدر جاء النبي إلى جيش المسلمين يسوي الصفوف فوجد الصحابي سواد بن غُزية الأنصاري رضي الله عنه قد تقدم على الجيش فلما جاءه وكان كاشفاً عن بطنه دفعه النبي ليساوي الصف، فوجد وجه سواد قد تغير فقال النبي: أوجعتك يا سواد؟ قال نعم يارسول الله.
فقال النبي: خذ حقك يا سواد، فقال سواد اكشف عن بطنك يارسول الله، فكشف النبي عن بطنه، فانكب سواد على بطن رسول الله حاضناً له، فقال النبي ما دفعك لهذا يا سواد،قال يارسول الله سوف نقاتل القوم وربما نموت فأردت أن يكون آخر عهدي بهذه الدنيا أن تمس بشرتي بشرتك.
أسباب غزوة بدر
خرج النبي صلى الله عليه وسلم في شهر جماد الأول وجماد الآخر سنة 2 من الهجرة ومعه عدد ليس بكثير من المسلمين 314 صحابي يريد أن يعترض عير قريش (إبل) القادمة من مكة ذاهبة إلى الشام للتجارة ، يريد أن يأخذ الأموال التي سلبتها قريش من المهاجرين في مكة وهذا هو سبب غزوة بدر الوحيد ، فلما وصل مكاناً يُسمى (ذا العشيرة) وجد العير قد فاتته بأيام.
فلما اقترب رجوع العير من الشام إلى مكة، بعث الرسول محمدٌ طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى الشَّمال ليقوما باكتشاف خبرها، فوصلا إلى منطقة تسمى الحوراء، ومكثا حتى مر بهما أبو سفيان بن حرب بالعير، فأسرعا إلى المدينة وأخبرا الرسول محمداً عليه الصلاة والسلام بالخبر.
وقد كانت هذه العير قافلةً تجاريةً كبيرةً قادمةً من الشام تحمل أموالاً عظيمةً لقريش، وكان يقودها أبو سفيان بن حرب، ويقوم على حراستها بين ثلاثين وأربعين رجلاً.
لقد أرسل الرسول محمدٌ بَسْبَس بن عمرو ليقوم بجمع المعلومات عن القافلة، فلما عاد بسبس بالخبر اليقين، ندب الرسول محمدٌ أصحابه للخروج وقال لهم: «هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها».
النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يريد القتال أو في نيته قتال ولذلك لم يلزم أحد بالخروج ، ولذلك تخلَّف كثير من الصحابة في المدينة، ولم يُنكِر النبي على أحد أنه تخلف عن غزوة بدر.
علم أبو سفيان بن حرب خروج المسلمين لاعتراض القافلة فبادر إلى تحويل مسارها إلى طريق الساحل، ثم أسل إلى قريش رجل يدعى ضمضم بن عمرو الغفاري ليستنفرهم لإنقاذ أموالهم وليخبرهم أن النبي محمداً عرض لها في أصحابه ، فلما وضل ضمضم ودخل مكة أخذ ينادي بأعلى صوته: (يا معشر قريش، اللطيمةَ، اللطيمةَ، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوثَ، الغوثَ).
فتحفز الناس سراعاً، وقالوا: «أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟ كلا، والله ليعلمن غير ذلك»، وخرجوا جميعاً فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، فإنه عوض عنه رجلاً كان له عليه دَين، ولم يتخلف عنهم أحد من بطون قريش إلا بني عدي، فلم يخرج منهم أحد.
فخرجت قريش كلها لتساند أبا سفيان ورجاله والتقوا بالمسلمين عند بئر بدر.
مكان غزوة بدر |
بداية معركة بدر
بدأت معركة بدر بأن جاء رجل من المشركين اسمه الأسود بن عبد الأسد المخزومي، رجل خبيث سيء الخُلق قال أمام الناس والله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنهم أو لأموتن دونه، وأسرع إلى بئر بدر ليشرب فاستقبله أسد الله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه فضربه ضربة قطع رجله، فسقط عند الحوض وأخذ يحبوا فلما سقط بالحوض بادره حمزة بضربة أخرى صرعه بها.
فأصاب المشركين هزيمة في نفوسهم، فأخرجوا ثلاثة من كبار قاداتهم عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة بن ربيعة وابن عتبة الوليد بن عتبة، خرجوا يريدون المبارزة مع المسلمين وكانت هذه عادة العرب في معاركهم، فخرج أمامهم ثلاثة من شباب الأنصار، فقال عتبة بن ربيعة: لا حاجة لنا بكم نريد قومنا نريد أهلنا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عبيد بن الحارث يا حمزة بن عبد المطلب يا علي بن أبي طالب اخرجوا لهم، فخرج حمزة أمام شيبة، وقام عبيد أمام عتبة، وقام علي أمام الوليد، وبدأت المبارزة، أما حمزة فقد قتل شيبة بسرعة ولم يتمهل في مبارزته ، وكذلك علي قتل الوليد بن عتبة، وبقى عبيد أمام عتبة يتبارزان حتى أصيب كلاًمنهما ولم يموتا ، فأقبل حمزة إلى عتبة وضربه ضربة قتله بها وكبر المسلمون.
وبدأت معركة بدر بتلك المبارزة واشتدت وحمي الوطيس، طارت الرقاب طاشت الدماء والنبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه يقول :والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم أحدٌ صابراً محتسباً مُقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ، قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض.
أخذ المسلمون يتسابقون إلى الشهادة في سبيل الله رغم قلة عددهم في بدر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" ، فكتب الله لجيش المسلمين النصر في بدر وأنزل الله قوله :" وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ "
مقتل أبو جهل
عمرو بن هشام أبو جهل الذي لطالما كان عدواً للإسلام والمسلمين كتب الله مقتله في غزوة بدر على يد الصحابي عبدالله بن سعود رضي الله عنه ، والذي كان بينه وبين أبو جهل الكثير من المواقف قبل المعركة حيث كان ينعته ويسبه ويقول له يا رويعي الغنم ، وفي المعركة أصيب أبا جهل في رجله ووقع على الأرض فذهب إليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ووضع قدمه على صدر أبي جهل، فقال له عبد الله: أخزاك الله يا عدوا الله .
فقال أبو جهل : بما أخزاني لا عار على رجل قتله قومه ، أخبرني لمن الدائرة اليوم ؟
قال عبد الله : لله ورسوله وللمسلمين ، ثم وقف بقدمه على صدره .
فقال أبو جهل : لقد ارتقيت مُرتقاً صعباً يا رويعي الغنم.
فضربه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بالسيف في صدره فمات أبو جهل لعنه الله.
معجزات يوم بدر
كان في غزوة بدر رؤوس تطير لا يدري أحد من قطعها ، وأيادي تقطع لا يعرف أحد من قطعها، قال أحد الصحابة جئت إلى أحد المشركين أريد قتله فرأيت رأسه يطير قبل أن أصل إليه.
ولا معجزة أكبر من أن يهزم المسلمون وعددهم 314 صحابي وليس معهم إلا القليل من السلاح ، وانتصر المسلمون وهم قلة أمام جيش كبير من قريش ، فقد خرجت قريش كلها إلا بني عدي قوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلم يخرجوا للقتال.
المصادر
- الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، الناشر: دار الهلال - بيروت، الطبعة الأولى.
- البداية والنهاية، ابن كثير،بإسناد صحيح.
- تاريخ الطبري، محمد بن جرير الطبري
ضع تعليقك هنا لتشارك في صنع المحتوى