لأسباب عديدة يوجد عند بعض الأطفال مشاكل في النطق فقد يتأخرون في النطق والكلام أو يتلجلجون، أو يعجزون، أو يتلعثمون .. إلخ.
وغالباً ما يصاحب هذه المشكلات والاضطرابات قلق وارتباك وشعور بالنقص والخجل، وعدم القدرة على التوافق وميل الطفل إلى والعزلة وربما تطورت الحالة إلى أضرار أخرى يمكن أن تنال من صحة الطفل.. فما العلاج؟
لصحة اكتساب الأطفال للغة، وتطورها الطبيعي السليم، والنطق الجيد بها ثمة عوامل وظروف تساعد على ذلك منها: اكتمال نمو الطفل، وسلامته البدنية، وسلامة الحواس(وبخاصة السمع والبصر) وسلامة تركيب الأنف و الفم و الأسنان و الحلق و الحنجرة والأحبال الصوتية .. إلخ.
بالإضافة إلى سلامة القدرات العقلية، التي تمكن الطفل من فهم وتخزين واسترجاع ما يسمع -لاحقاً يقرأ- من كلمات وجمل، مما ينعكس أيضاً بالإيجاب على نمو وتطور قدراته العقلية إذ العلاقة مزدوجة الاتجاهين.
كذلك وجود البيئة، المحيطة المستقرة والمُحفزة والداعمة وجدانياً، وإدراكياً، وسلوكياً لاكتساب اللغة، وعدم تشتيت جهد الطفل عن ذلك كوجود أكثر من لغة داخل البيت؛ عربية وأجنبية، مما يتسبب في تأخر النطق.
إن أي خلل (عضوي أو وظيفي) في تلك العوامل والظروف السابقة ينتج عنه مشاكل النطق كذلك فإن صوابية طريقة ونمط الكلام الذي يتعرض له الطفل أثناء سنواته المبكرة مهم جداً، لتفادي (اضطراب النطق الوظيفي) الذي لا يعود إلى سـبب عضوي، بل إلى خطأ في تلقين اللغة.
فلو أن كلام الوالدين والإخوة والرفاق يتضمن أخطاء في النطق، فمن المتوقع أن تنمو لدى الطفل أنماط خاطئة مشابهة، كذلك إذا كانت تنقص الطفل الاستثارة المناسبة والدافعية الكافية فإن تطوير وتحسن وتراكم طريقته السليمة ومهارته في النطق تتأثر سلباً.
اقرأ في: نصائح قبل عملية تصحيح النظر
أنواع مشاكل النطق عند الأطفال |
أنواع مشاكل النطق عند الأطفال
ثمة حالات لوصف تأخر الكلام عند الطفل: كتأخر التلفظ بالكلمات إلى سن ثمانية عشر شهراً، أو عدم نطق الجمل بعد بلوغ الطفل سنتين ونصف السنة من العمر، أو إذا كان كلام الطفل البالغ مـن العمر أكثر من سنتين غير مفهوم للآخرين، أو إذا كان أكثر من نصف كلام الطفل البالغ من العمر أكثر من ثلاث سنوات غير مفهوم، أو كان 10% من كلام الطفل البالغ مـن العمر أكثر من أربع سنوات من العمر غير مفهوم للآخرين.
وقد خلصت دراسة حديثة إلى أن الأطفال الذين لديهم ميل لتأخر الكلام يستخدمون جزءاً مختلفاً من الدماغ في السماع ( مهارات اللغة ترتبط بالجانب الأيسر من الدماغ ).
فوجد الباحثون أن الجانب الأيمن من دماغ هؤلاء الأطفال شهد نشاطاً أكبر، في حين مال آخرون إلى استخدام الجانب الأيسر. كما أن المتأخرين في النطق يعانون أيضاً من انخفاض نشاط الدماغ الكلي.
وهذه أنواع مشاكل النطق عند الأطفال الأكثر شيوعاً سواء كانت فرادی أو مجتمعة، بوتيرة مستمرة أو متقطعة حسب المواقف:-
الحذف Omission:
عدم مقدرة الطفل على نطق جميع حروف الكلمة وإنما يسقط منها حرفا أو أكثر.
الإبدال Substitution:
عـدم مقدرة الطفل على التلفظ بجميع حروف الكلمة كما هي ، وإنمـا يبدل حرفاً يسستعصي عليه نطقه بحرف آخر أكثر سهولة لديه (مثل: خبيبي بدل حبيبي ).
الإضافة Addition:
إضافة الطفل حرفاً آخر لحروف الكلمة الأساسية.
التحريف أو التشويه Distortion: يتمثل في أن تكون الإضافة أو الإبدال أو الحذف مخلاً بالكلمة .. نطقاً ومعنى.
اللجلجة Clutting:
عدم قدرة المتكلم على توظيف اللغة للتعبير أو الإفصاح عن أفكاره ومشاعره وهي تتمثل في خروج الكلمات من فم الطفل مضطربة، وبخاصة عندما يتحدث إلى من يهابهم وهي من أكثر مشكلات الكلام انتشاراً وغالبا ما ترد إلى عوامل نفسية ( القلق والتوتر وعدم الشعور بالطمأنينة منذ الطفولة المبكرة ).
لكن في كثير من الحالات فإن المصاب يستطيع أن يتحـدث دون لجلجـة إذا شعر بالطمأنينة وتوثقت صلته بنفسه وبالآخرين، وقد يكون سـبب اللجلجة عند بعض الأطفال هو عدم تمكنهم من اللغة بالقدر الذي يجعلها طوع أمرهم وفي متناولهم، فيؤدي تزاحم الأفكار بسبب قصور ذخيرتهم اللغوية واللفظية إلى اللجلجة.
وأحياناً بسبب أن الطفل يتكلم في موضوع لا يهمه أو يعنيه أو لا يفهمه معتمداً على الحفظ الآلي وبذلك تكون اللجلجة وسيلته كلما ضاع منه اللفظ المناسب، من المعلوم أن التعثر الطبيعي في الكلام يحدث لأن قدرة الطفل الذهنية على التفكير بالكلام أسرع من تمكن اللسان على إخراجها، ولا يستمر التعثر الطبيعي في الكلام أكثر من الحالة شهرين إلى ثلاثة أشهر إذا تم التعامل مع بالطريقة السليمة، أما صعوبة النطق الطبيعية فترجع إلى أسباب وراثية.
التأتأة Stammering:
أحد أشهر أنواع مشاكل النطق عند الأطفال انتشاراً ( مثل نطق: ت ت ت ت .. تلعب )، يحدث تعثر طبيعي في الكلام عند 90 ٪ من الأطفال بعكس التأتأة الحقيقية التي تحدث عند 1 ٪ من الأطفال كما أن هناك 70% تقريباً من الأطفال تقريباً ينطقون الكلمات بوضوح منذ بداية تعلم الكلام.
أما البقية الذين تتراوح أعمارهم من سنة إلى أربع سنوات فيكون نطق طبيعي، ويتلفظون بالعديد من لديهم عسر الكلمات التي لا يتم فهمها.
أسباب « التأتأة » معقدة (عوامل فسيولوجية،عصبية، اجتماعية، ولغوية)، لكن الرأي القائل بأن منشأها عوامل نفسية يعد من أكثر الآراء قبولاً، من ذلك إفراط الأبوين في تدليل الطفل أو محاباته على إخواته، أو العكس افتقاره إلى عطـف الأبوين، والحياة في جو يسوده العقاب الجسدي والإهانة والشقاق.
أو لتضارب أساليب التربية، أو للإخفاق المدرسي كما أن إهمال الآباء للأبناء ومحاولتهم إسكاتهم عند التحدث أمام الآخرين يؤدي إلى خلق رواسب نفسية سلبية، تعمل على زعزعة ثقتهم بأنفسهم، وقدراتهم على التحدث والنطق بشكل صحيح، ويمكن تبين أثر القلق وانعدام الأمن عند الطفل من الأثر الانفعالي الذي يعانيه عندما يتكلم فالقلق / التخوف من مواجهـة المواقف / الأشخاص يسبب توتره، فيتلكأ في إخراج الكلام بصورة تامة.
وبمـرور الأيام يتعود اللجلجة مما يزيد شـعوره بالنقص وعدم الكفاءة، بيد أنه أحيانا عندما يكون في ظروف نفسية إيجابية، أو بمعزل عن الناس فإنه يستطيع التكلم بطلاقة.
في معظم الحالات تنشـأ التأتأة الحقيقية عندما يعاني الطفل من التعثر الطبيعي، أو صعوبة النطق الطبيعية ثم يقوم الأهل بالضغط عليـه لتصحيح كلامـه؛ الأمر الذي يزيد من حساسيته لقصوره وفشله في تصحيحه، ويصبـح متوتراً عندما يتكلم.
وكلما حاول أن يتحكم في كلامه ازداد الأمر سوءاً بزيادة التأتأة وهكذا يدور الطفل في حلقة مفرغة، ويتضاعف تكرار الكلام بدلاً من نطقه مرة واحدة، وقد تحدث مؤقتاً في أي مرحلة من العمر إذا أصبح الشخص مرتبكاً خائفاً من طريقة تحدثه فتزداد التأتأة الحقيقية وتستمر إلى سن البلوغ إذا لم يتم علاجها.
العي Inarticulateness:
هو أحد أسباب اضطرابات النطق عند الأطفال وهو عجز المتحدث عن النطق بأي كلمة بسبب توتر حاد في العضلات الصوتية وجمودها، يرجع غالباً إلى أسباب نفسية، وأحياناً ينتج عن أعراض جسدية مثل:
اضطرابات الجهاز التنفسي، وجود لحمية بالأنف، وتضخم اللوزتين، يرى الطفل وهو يبذل مجهوداً كبيراً لينطق بأول كلمة في الجملة فإذا تم له ذلك يندفع كالسيل حتى تنتهي الجملة ثم يعود بعدها إلى نفس الصعوبة في الجملة الثانية وهكذا دواليك.
كثير من حالات العي تبدأ في أول الأمر في شكل لجلجة وحركات ارتعاشية متكررة تدل على المعاناة من اضطرابات انفعالية ثم يتطور الأمر إلى العي الذي يظهر فيه حالات التشنج التوقفي .
تظهر معاناة على الطفل وضغط على الشفتين وتحريك الكفين أو اليدين، أو الضغـط بالقدمين على الأرض أو الإتيان بحركات هستيرية في رموش وجفون العينين لتدل على صعوبة محاولة التكلم خصوصاً في المواقف الاجتماعية الصعبة.
وتأتي تلك الحركات العشوائية وغير العشوائية تعبيراً عن رغبته في التخلص من الشعور بعدم القدرة على الكلام، والتوتر الناشئ عن ذلك.
التلعثم Stuttering:
عدم قدرة الطفل عن التعبير عن نفسه بسهولة؛ بسبب شعوره بخجل ورهبة (تسرع نبضات قلبه، ويجف حلقه، ويتصبب عرقاً)، فلا يشارك في التفاعل الدراسي لشـعوره بالعجز والخوف من سخرية زملائه، وقد ينشأ التلعثم عن واحد أو أكثر من الأسباب التالية:
- قد تتقلص عضلات الحنجرة نتيجة خوف أو رهبة فتحجز الكلمات قبل خروجها.
- قد لا يتنفس الطفل تنفساً عميقاً قبل بدء الكلام فينطق بكلمة أو كلمتين ثم يقف ليتنفس ويستمر كذلك بين تكلم واستراحة فيكون كلامه متقطعاً.
وقد يتنفس الطفل تنفساً عميقاً قبل الكلام ولكنه يسرف في استعمال الهواء الموجود في رئتيه فيستنفده في بضع كلمات قد يكون التوازن معدوماً بين عضلات الحنجرة واللسان والشـفتين فينطق بأحد الحروف قبل الآخر، أو يدغم الحروف بعضها في بعض.
الثأثـاة Lisping:
استبدال الطفل نطق حرف بآخر، فيستبدل حرف « س » بآخر « ث » كما أن كلمة مدرسـة ينطقها « مدرثة »، أو كلمة ترابيزة ينطقها « ترابيدة » إلخ.
وقد يرجع ذلك لتطبع الطفل بالوسط الذي يعيش فيه، أو بسبب تشوهات في الفم أو الأسنان تحول دون نطق الحروف على وجهها الصحيح.
في الحالات الشديدة ينطق الطفل بألفاظ كثيرة غير مفهومة بسبب عيب في السمع يمنعه من تمييز الحروف والكلمات .
علاج مشاكل النطق عند الأطفال
تتفاوت الأساليب العلاجية لاضطرابات النطق حسب عمر الطفل، توفير الرعاية الصحية له باستمرار، وعرضه على أصحاب الاختصاص في وقت مبكر إذا لوحظ لديه أعراض مشكلات النطق، وينبغي التأكد من خلو الطفل من المسببات المرضية العضوية لمشكلات النطق، ومعالجتها إن وجدت « مشكلات الجهاز العصبي، وأجهزة السمع والكلام العليلة مثل: الزائدة اللحمية في الأنف انشقاق الشفة، عيوب الأسنان واللسان .. إلخ ».
- العلاج النفسي: إبعاد الطفل عن الضغوط النفسية والانفعالات الحادة والتدليل الزائد وإظهار الاهتمام والقلق المبالغ فيه نحوه، مع تقدير حالته وعدم السخرية منه أو إحراجه أو مقارنته بالأسوياء، مع تنمية ثقته بنفسه ووضع حد لما يشعر به من خوف أو خجل وتعزيز النجاحات التي يحققها.
- تفهم الوالدين والمعلمين لأسباب الصعوبات التي يعاني منها الطفل والسعي لتخليصه منها، وتغيير البيئة المدرسية إذا كانت الحالة تستدعي ذلك.
- تنظيم برامج تأهيل مستمر ومتطور للمعلمين للإلمام بما هو حديث في عمليات ملاحظة القدرات التعبيرية ،والاكتشاف المبكر لاضطرابات الكلام، وسبل التعامل معها وتقويمها. وذلك ضمن منظومة تعليمية متكاملة من قبل المؤسسات المعنية.
- تدريبات رياضية لتقوية الفكين وأجهزة التنفس بإشـراف اختصاصيين، مع تنظيم التنفس، وتخفيف سرعة التكلم والتحدث بهدوء.
- مخاطبة الطفل بألفاظ سهلة ومفهومة حول أشياء يعرفها، وتدريبه على الكلام السليم تدريجياً ابتداء بالسهل ثم الصعب، وإعطاؤه الفرصة كاملة للتعبير عن نفسه، وتشجيعه، وعـدم توجيه أي لوم إليه وتنمية قاموسه اللغوي باستمرار، ومتابعة تلك التدريبات من خلال التسجيل الصوتي.
- التعامل مع مشكلة تأخر النطق عند الطفل من خلال: الابتعاد عن مقارنة الطفل بغيره من زملائه وأقرانه ممن تمكنوا من النطق بشكل جيد والتحدث مع الطفل بلغة واحدة.
ويجب تحقيق أكبر قدر ممكن من التعاون والتنسيق بين دور المنزل والمدرسة والاختصاصي المعالج حتى تتكامل الجهود لعلاج مشكلات النطق وفق الاحتياجات المطلوبة لكل منها.
اقرأ في: لماذا لا نصغي لأطفالنا-قصة من واقع الحياة
اقرأ في: هل ضرب النبي زوجاته ومتى يجب ضرب المرأة
اقرأ في: كيف تتعامل مع الزوجة العنيدة
اقرأ في: أجمل أسماء بنات من القرآن ومعانيها
ضع تعليقك هنا لتشارك في صنع المحتوى