قصة حياة صقر قريش
قصة حياة صقر قريش مؤسس الخلافة الأموية في الأندلس |
سقوط دولة الأمويين وحكم العباسيين
عام 756 للميلاد وصل شاب من نبلاء العرب إلى قرطبة جنوب إسبانيا وكان يدعى عبد الرحمن ، وهو الناجي الوحيد من تلك المجزرة التي قضت على السلالة الأموية التي كانت تحكم العالم الإسلامي في تلك الحقبة.
وقد تكون قصة هروبه من دمشق في سوريا أقرب إلى روايات ألف ليلة وليلة ، غاص في مياه نهر الفرات هرباً من القتلة الذين كانوا يسعون للقضاء عليه واجتاز صحراء شمال إفريقيا وعاش في الخفاء مدة خمس سنوات بين قبائل البربر.
وأخيراً تمكن هذا المغامر الشاب في النهاية من بلوغ إسبانيا وقرطبة بالتحديد ، حيث أسس إحدى أهم السلالات التي عرفها التاريخ وأعظمها شأناً.
وخلال 250 سنة تلت تبوأت المدينة أعلى المناصب التجارية والفكرية في العالم ، أصبحت قرطبة عاصمة الأندلس.
وهو الاسم التي أطلقت على جميع الأراضي التي احتلها المسلمون في شبه الجزيرة الأيبيرية فيما أصبح يعرف اليوم بإسبانيا والبرتغال ، وكان للمدينة تأثيرٌ كبير في تطور الحضارية الأوربية.
ويروى الإمام الذهبى فى سير كتابه الشهير أعلام النبلاء كيف استطاع عبد الرحمن الداخل أن يقيم دولة أموية جديدة بالأندلس بعد سقوط الأمويين.
فيحكى كيف استطاع مولاه بدر أن يتجسس له ويعرف رأى الناس إذا وجدوا رجلا من بيت الخلافة هل يبايعونه أم لا، فحين رأى فيهم قبولًا لذلك أعلن عن شخصية سيده، عبد الرحمن بن معاوية فبايعه الناس.
واستمر حاكمًا للأندلس ثلاث وثلاثين سنة، واستمر الملك فى نسله حوالى 400 عام. ويقول الذهبى أن الداخل لم يلقب نفسه بالخليفة ولا احد من ذريته بل كان يقال لهم "الأمير" وأول من تلقب بأمير المؤمنين منهم : الناصر لدين الله.
من هو صقر قريش ولماذا سمى بهذا الأسم
هو أبو المطرَّف عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي القرشي المعروف بلقب صقر قريش وعبد الرحمن الداخل، والمعروف أيضًا في المصادر الأجنبية بلقب عبد الرحمن الأول.
أسس عبد الرحمن الدولة الأموية في الأندلس عام 138 هـ، بعد أن فر من الشام إلى الأندلس في رحلة طويلة استمرت ست سنوات.
أبوه هو معاوية بن هشام بن عبد الملك والذي كان يجهزه هشام بن عبد الملك للحكم بدلاً من ابن أخيه ولي العهد الوليد بن يزيد، لكن معاوية مات قبل يصل إلى الحكم.
اقرأ في: من الرجل الذي هزم عمر بن الخطاب وقتله علي بن أبي طالب
اقرأ في: أقوى فرسان العرب
اقرأ في: النبي الذي قبضت روحه في السماء ولم يدفن في الأرض
لماذا سمي عبد الرحمن بصقر قريش
انتصر عبد الرحمن الداخل على العباسيين، وقف لهم وحاربهم وانتصر عليهم وهزمهم شر هزيمة وعرفوا بقوته وأنهم أمام قوة لايمكن الوقوف في وجهها.
فلقبه العباسيون بعد أن انتصر عليهم بـصقر قريش وهو اللقب الذي اشتهر به بعد ذلك، فقد كان أبو جعفر المنصور جالسًا مع أصحابه مرةً فسألهم: أتدرون من هو صقر قريش؟ فقالوا له : هو أنت. فقال لهم: لا.
فعدّدوا له أسماء حتى ذكروا له معاوية وعبد الملك بن مروان من بني أمية. فقال أيضا: لا. ثم أجابهم قائلا:" بل هو عبد الرحمن بن معاوية، دخل الأندلس منفردًا بنفسه، مؤيّدًا برأيه.
مستصحبًا لعزمه، يعبر القفر ويركب البحر حتى دخل بلدًا أعجميًا فمصّر الأمصار وجنّد الأجناد.
وأقام ملكًا بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة عزمه". فحقق عبدالرحمن بن معاوية غايته من إعادة أمجاد أجداده الامويين والانتصار على العباسيين وتكوين دولة قوية وهي الدولة الأموية بالأندلس.
كيف أسس عبدالرحمن الداخل الدولة الأموية الثانية
نجح عبد الرحمن بن معاويه بن هشام الذي اختبأ في قرية منعزله قريبة من الفرات في سوريا.
وكان معه ابنه الطفل سليمان وكان عمره وقتها أربع سنوات، وأخ أصغر مع أختين. وعندما اكتشفت الشرطة مكانهم هرب عبد الرحمن مع أخيه الوليد بن معاوية عبر بعض البساتين.
فلما تعقبتها الشرطة حاولا عبور النهر فأغراهما الشرطة أن يرجعا ولهما الأمان فرجع أخوه وغرر به وقتله العباسيون، وكان عمرة ثلاث عشر سنة، بينما نجح عبد الرحمن بالوصول إلى الضفة الأخرى بسلام ولم تنطلِ عليه مكيدتهم ولحق به مولاه بدر طبقا لخطة سابقة.
اقرأ في: قصة الزير سالم وحرب البسوس
اقرأ في: صور المكان الذي عاش فيه عنترة بن شداد
اقرأ في: ملخص حياة أبو الفوارس عنترة بن شداد
دخول عبد الرحمن بن معاوية إلى الأندلس
بدأ عبد الرحمن بن معاوية يعدّ العدة لدخول الأندلس بعد أن كون جيشا قويا والتف حولة مؤيدوه، فعمل على الآتي:
أولًا: أرسل بدر - أحد رجاله والقادم معه من دمشق - أرسله إلى الأندلس لدراسة الموقف، ومعرفة القوى المؤثرة في الحكم فيهاوالوضع في الداخل الاندلسي.
ثانيًا: راسل كل محبي الدولة الأموية في أرض الأندلس.
ثالثًا: راسل عبد الرحمن بن معاوية البربر في الأندلس، وأعلمهم خطته ورحبوا بذلك لمعرفتهم بعدل الأمويين وإنصافهم لهم.
وكانوا في ذلك الوقت على خلاف شديدٍ جدًا مع يوسف بن عبد الرحمن الفهري؛ لأنه فرّق بينهم وبين العرب في شمال أفريقيا.
فهم يريدون أن يتخلّصوا من حكم يوسف بن عبد الرحمن الفهري الذي عاملهم بهذه العنصرية.
رابعًا: راسل كل الأمويين في كل الأماكن وأنه يعزم على دخول الأندلس وإقامة الدولة الأموية فالتحق به كافة الأمويين من الشام وغيرها من البلاد.
وفي ربيع الثاني سنة (138هـ، 755) عبر عبد الرحمن بن معاوية بجيشه القوي ومن معه من القادة مضيق جبل طارق إلى داخل الاندلس بهيبة وعظمة الفاتحين المنتصرين وانضم إليه أنصاره وأخضع كافة البلاد في طريقه وزحف إلى إشبيلية واستولى عليها وبايعه اهلها.
ثم نجح في دخول قرطبة العاصمة، بعد أن هزم جيش يوسف بن عبد الرحمن الفهري في موقعة المصارة في العاشر من ذي الحجة سنة 138هـ ليسيطر على كافة ارجاء الأندلس.
اقرأ في: أعظم قادة في التاريخ العسكري
اقرأ في: محمود سامي البارودي صاحب مدرسة الإحياء والبعث
اقرأ في: ديوان المتنبي ومعالم حياته الشعرية
اقرأ في: المناظرات الشعرية للمتنبي
إنجازات عبد الرحمن الداخل
يعد عبد الرحمَن الداخل وهو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان بن الحَكم بن أبي العاص.
أول من أسس الدولة الأموية الثانية في الأندلس، بعد سقوط الدولة الأموية في دمشق بأيدي العباسيين وهروبه منهم إلى الأندلس، حيث ساهم في بنائها عسكريًا واهتم بعمرانها، وعلومها، ومن أشهر إنجازاته:
- بناء الجيش، حيث اشتهر جيشه بالقوة والبسالة، وساهم في تطويره ببناء دور للأسلحة، ومصانع لصنع المنجنيق.
- بناء الأسطول البحري.
- أولى التخطيط المالي عناية كبيرة، حيث كان يقسم الميزانية إلى 3 أقسام، قسم للجيش، وقسم لتطوير الدولة من عمارة ومؤن وغيرها، والقسم الآخر كان يدخره.
- اهتم بالعلوم والدين والعمارة والقضاء.
- بناء العديد من القلاع والحصون والقناطر.
- بناء الرصافة، وهي من الحدائق المشهورة في الإسلام.
- بناء دار لسك النقود.
- بناء الموانئ مثل ميناء طرطوشة، وميناء ألمرية، وميناء إشبيليّة، وغيرها.
- حماية حدوده من الأعداء، فقد عُرف عنه شدته وقوته ضد أعدائه.
اقرأ في: حياة أبو نواس شاعر الخمر الذي رثى نفسه
اقرأ في: تحميل رواية الجريمة والعقاب لدوستويفسكي
اقرأ في: تحميل كتاب ألف ليلة وليلة
اقرأ في: تحميل كتاب كليلة ودمنة لابن المُقَفع
وفاة عبد الرحمن الداخل
توفي عبد الرحمن الداخل في 24 ربيع الآخر عام 172 هـ وترك من الولد أحد عشر ولدًا منهم سليمان وهو أكبر ولده، وهشام والمنذر ويحيى وسعيد وعبد الله وكليب ومن البنات تسع.
وقد دفن في قصر قرطبة بعد أن صلى عليه ولده عبد الله وخلفه من بعده ولده هشام الملقب بهشام الرضا بعهد من والده، رغم أن أخاه سليمان كان أسن منه.
ضع تعليقك هنا لتشارك في صنع المحتوى