هل الملائكة أفضل من البشر
هل الملائكة أفضل من البشر وما الفرق بينهم |
اختلف العلماء في القول بأفضلية الملائكة على البشر أو تفضيل البشر على الملائكة في المُطلق، فهناك من قال أن الملائكة أفضل من البشر في حالات وفي مواضع بعينها، وصنفٌ آخر من العلماء قال أن الصالحين من البشر أفضل من الملائكة وأعلى مقاماً، فلنأخذ المسألة من أقطارها ونسرد أشهر أقوال أهل العلم ثم رأي جمهور العلماء حول تلك المسألة.
طبيعة الملائكة والبشر
تختلف طبيعة الملائكة والبشر من حيث التكوين والخلق والمهام المُكلف بها كلاًمنهم .
خلق الملائكة
الملائكة هم مخلوقاتٍ نورانية خلقها الله من نور ،وخلق الملائكة لم يذكر في القرآن الكريم وإنما دلة عليه السنة النبوية الشريفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارجٍ من نار وخلق آدم مما وصف لكم" صحيح مسلم.
والملائكة خلقٌ كثير لا يعلم عددهم إلا الله عز وجل ،وتختلف الملائكة عن البشر ليس في طبيعة خلقهم فقط وإنما في التكليف، فالبشر مكلفون بعبادة الله والملائكة غير مكلفون وإن كان الله خلق الجميع للعبادة وإنما الملائكة لا توجد في طبيعتهم المعصية لله ولكن فطرتهم هي الطاعة المطلقة لله عز وجل.
فيقول جل شأنه :" لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ"، أما البشر فيمكن أن يعص الله ويمكن أن يطيعه.
خلق البشر
البشر خلقٌ من خلق الله ،ذكر الله عز وجل خلقهم في القرآن وذكر النبي صلى الله عليه وسلم خلقهم في الحديث الشريف فقال الله :"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ" سورة الحجر.
وفي آية أخرى يقول :"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ" فهنا يقع اختلاف خلق الملائكة عن خلق البشر من حيث التكوين ، وكذا الاختلاف من حيث التكليف فقال الله تعالى :"هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ".
من أفضل الملائكة أم البشر
الملائكة سجدوا لآدم عليه السلام ، لكن الله عز وجل يقول :"وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ" فالعقل إن كانت الملائكة أقل من آدم لما أصبح لسجود الملائكة لآدم تكرمة له .
وإنما هذا يدل على أن الملائكة أفضل من البشر وأن الملائكة أفضل من آدم ، فلو كانت الملائكة أدنى من آدم منزلةً لما كان في سجودها تكريماً له، هذا يدل على فضل الملائكة ويدل عليه أيضاً قول الله :"لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ".
فالشاهد أن الملائكة أفضل من البشر في العموم وهذا رأي جمهور العلماء.
هل الملائكة أفضل من الصالحين من البشر
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :هذه المسألة وهي المفاضلة بين الملائكة وبين الصالحين من البشر محل خلافٍ بين أهل العلم ، والكل أدلى بدلوه فيما يحتج به من النصوص ، ولكن القول الراجح أن يقال إن الصالحين من البشر أفضل من الملائكة باعتبار النهاية ، فإن الله سبحانه وتعالى يؤدي لهم من الثواب مالا يحصل مثله للملائكة فيما نعلم ، بل إن الملائكة في مقرهم أي في مقر الصالحين وهو الجنة يدخلون عليهم من كل باب يهنئونهم :"سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ".
أما باعتبار البداية والتكوين فإن الملائكة أفضل من البشر لأنهم خُلقوا من نور وجُبلوا على طاعة الله عز وجل والقوة عليها كما قال الله تعالى :"عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" ويقول أيضاً :"وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ".
هل الأنبياء أفضل من الملائكة
وهناك من أهل العلم من قال أن الصالحين من البشر يمكن أن يكونوا أفضل الملائكة مثل الأنبيا ء والرسل ولاسيما محمد صل الله عليه وسلم.
سئل شيخ الإسلام عن المطيعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم هل هم أفضل من الملائكة؟ فأجاب :
" قد ثبت عن عبد الله بن عمرو أنه قال : " إن الملائكة قالت : يا رب جعلت بني آدم يأكلون في الدنيا ويشربون ويتمتعون ، فاجعل لنا الآخرة كما جعلت لهم الدنيا ؟ قال : لا أفعل ثم أعادوا عليه قال : لا أفعل ثم أعادوا عليه مرتين أو ثلاثا فقال : وعزتي لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له : كن فكان " ذكره عثمان بن سعيد الدارمي.
وعن عبد الله بن سلام أنه قال : ما خلق الله خلقا أكرم عليه من محمد . فقيل له : ولا جبريل ولا ميكائيل فقال للسائل : " أتدري ما جبريل وما ميكائيل ؟
إنما جبريل وميكائيل خلق مسخر كالشمس والقمر، وما خلق الله خلقا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم " .
وما علمت عن أحد من الصحابة ما يخالف ذلك . وهذا هو المشهور عند المنتسبين إلى السنة من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم ، وهو : أن الأنبياء والأولياء أفضل من الملائكة".
هذا القول الفصل في هذه المسألة ، وبعد فإن الخوض فيها وطلب المفاضلة بين صالحي البشر والملائكة من فضول العلم الذي لا يُضطر الإنسان إلى فهمه والعلم به ،والله المستعان.
اقرأ في: الإعجاز في الآية إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم
اقرأ في: قصة قابيل وهابيل
ضع تعليقك هنا لتشارك في صنع المحتوى