شرح نظرية داروين في الإسلام
نظرية التطور ونشأة الإنسان مسألة انشغل بها العلماء من قديم الأزل ، وكانت محور تفكير العالم تشارلز داروين ،واختلف في آراءه بعض العلماء كما اتفق البعض معه في قوله أن الإنسان جاء تطوراً من سلالات سابقة.
وقد ناقش الدكتور مصطفى محمود في برنامجه العلم والإيمان نظرية التطور لداروين أو ما يسمى بالداروينية بشكلٍ رائع من الناحية العلمية المحايدة، ومن الناحية الإيمانية أيضاً كما يراها الإسلام، وفي هذا المقال نستعرض فكرة نظرية داروين ثم نعرض وجهة نظر الدكتور مصطفى محمود في نظرية التطور.
نظرية داروين في الإسلام نظرية التطور |
نظرية التطور لداروين
الداروينية هي نظرية أصاغها العالم الانجليزي تشارلز داروين ومعه بعض العلماء الآحرون عن نشأة الجنس البشري ونشأة الكون بشكل عام ،وتنصُّ نظرية التطور على أنَّ جميع أنواع الكائنات الحية تنشأ وتتطور من خلال عملية الانتقاء الطبيعي للطفرات الموروثة التي تزيد من قدرة الفرد على المنافسة والبقاء على قيد الحياة والتكاثر.
بمعنى أن جميع الكائنات الحية من إنسان وحيوان ونبات نشأوا ن أصل خلية حية واحدة ، هذه الخلية تطورت من تلقاء نفسها وأخذت في التنوع والتشكل حتى خرج منها الإنسان والحيوان والنبات على اختلاف أجناسهم وأنواعهم، لا شك أن نظرية التطور خلقت من أجل معارضة وجود الإله والواحد القادر وهي تنفي وجود الصانع لكل هذا الكون العظيم وتعتبر الطبيعة هي الصانع والمُصَنِّع في نفس الوقت.
تسمى أيضًا النظرية الداروينية وقد تضمنت المفاهيم العامة لتغير الأنواع أو التطور واكتسبت قَبُولًا علمياً عاماً بعد نشر داروين كتابه أصل الأنواع في عام 1859، وتضمنت المفاهيم التي سبقت نظريات داروين، أشارت بعد ذلك إلى المفاهيم الخاصة بالانتقاء الطبيعي أو الهدف الرئيسي علم الأحياء الجزيئي.
على الرغم من أنَّ المصطلح يشير عادةً إلى التطور البيولوجي بشكل كبير، إلا أنَّ مؤيدي نظرية الخلق استعملوه للإشارة إلى أصل الحياة، وحتى أنهم طبقوه على مفاهيم التطور الكوُني، وكلى الفكرتين لا علاقة لهما بعمل داروين.
لذلك يعتبر القبول بعمل داروين وأصدقاءه بديلاً عن النظريات الأخرى بما في ذلك نظريات التصميم الإلهي الشامل.
اقرأ في: من اين يخرج العسل من النحلة
نظرية داروين في الإسلام
موقفك اليوم أيها المؤمن سيكون صعباً ..عليك إثبات أن خلق الإنسان جاء على الطريقة التي وصفها الدين، أي أن الخالق أمسك قطعة طين فعجنها في يديه ثم نفخ فيه فإذا به آدم عليه السلام، هذا الكلام أيها المؤمن يخالف وبشدة علوم التطور التي تقول أن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الأطوار الحيوانية.
وهو ليس مقطوع الصلة بأفراد عائلة من الحيوانات، وأنه والقرد أولاد عمومة، يلتقون معاً في سابع جد ،وهذا التشابه الأكيد في تفاصيل البنية التشريحية للحيوانات يدل على أنهم جميعاً أفراد أسرة واحدة ، هذا السؤال المستفذ هو مابدأ به الدكتور مصطفى محمود رحمه الله فصله الرابع عشر في كتاب حوار مع صديقي الملحد، أين حاول الإجابة عن هذا السؤال الذي يتكرر كثيراً عند الملاحدة في فصل بعنوان موقف الدين من التطور.
حيث كان رد مصطفى محمود على هذا الملحد كالتالي : دعني أولاً أن أصحح معلوماتك فأقول لك أن الله لم يخلق آدم على الطريقة التي ذكرتها ،فهو لم يعجن الطين ولم ينفخ فيه ليكون آدم كما تدعي ، القرآن يروي قصة مختفلة تماماً عن خلق آدم ، قصة يتم فيها الخلق على مراحل وأطوار وزمن إلآهي مديد ، كما أن الإنسان لم يقل أن الإنسان خرج من الطين مباشرة ، فقال تعالى :( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ).
وقال أيضاً :(مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) وقد فصل الله عز وجل هذه الأطوار من مراحل في سورة السجدة :"( وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ﴿7﴾ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ).
اي أن الخلق من الطين كان فقط البداية ، ثم جاءت سلالة من ماء مهين ، ثم تسوية وتصوير ثم نفخ الروح التي بها أصبح للإنسان سمع وبصر وفؤاد وأصبح آدم ، وثم بالزمن اللآهي معناها ملايين السنين قال تعالى: ( وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ).
فالخلاصة التي خرج منها مصطفى محمود من تحليل هذا كله هي أن آدم هو نهاية سلسلة من الأطوار فسر القرآن في ذكرها ولم يكن بدءً مطلق من العدم على الطريقة التي يصفها الملاحدة .
ثم تابع مصطفى محمود تأكيد وجهة النظر هذه مستدلاً بآية أخرى من سورة نوح :" وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا" وعملية الإنبات تعني وجود عدة أطوار ومراحل وزمن تسبق خلق الإنسان بشكله النهائي ، أي أن الخلق لم يكن على مرحلة واحدة انتقل به الإنسان من الدم إلى الوجود في زمن معدوم ، ولكن اللغز الحقيقي حسب ما قاله الدكتور مصطفى محمود هو ماذا كانت تلك المراحل بالضبط وماذا كانت تلك الأطوار؟
هل كل شجرة الحياة كانت من أب واحد ؟ أي هل تولدت من الطين خلية أولى ثم تعددت وأنجبت كل تلك الأنواع والفصائل الحيوانية والنباتية بمن فيها الإنسان ؟ أم أن كانت هناك بدايات متعددة ، أي أن كل المخلوقات كانت لها بدايتها الخاصة ، وبهذا يكون للإنسان جد منفصل ويكون لكل نوع أصل خاص به.
قد يكون رد الملحد هنا أن التشابه التشريحي بين كل الأنواع الحيوانية يدل على وجود أصل واحد تفرع منه الجميع ، وهذا ما لاحظه وذهب إليه داروين ، في كتاب أصل الأنواع حيث كان أول ماكتشفه داروين في أثناء رحلته هو الخطة التشريحية الواحدة التي بُنيت عليها كل الفصائل الحيوانية .
فالهيكل العظمي واحد في أغلب الحيوانات الفقارية ، والذراع في القرد هو نفس الجناح في الطائر وهو نفس الجناح في الخفاش، فكل عظمة هنا تناظرها نفس العظمة هناك ، مع تحورات طفيفة لتلائم الوظيفة، ونجد أيضاً في جميع الأجهزة ، كل هذه الأجهزة تتشابه في بنياتها بين جميع الفصائل الحيوانية.
هذا ما جعل داروين أن الحيوانات كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت بهم البيئات ، ولكن بالنسبة لمصطفى محمود هو مجرد تشابه تشريحي بين الفصائل الحيوانية لا ينفي خروج كل نوعٍ من بداية خاصة به، وإنما يدل هذا التشابه على وحدة الخالق ، وأن صانعها جميعاً واحد فخلقها جميعاً من خامة واحدة وبإسلوب واحد وبخطة واحدة.
إثبات خطأ نظرية التطور
حيث يعلق مصطفى محمود بأنه أصاب وأبدع عندما وضع هذه المقدمة القيمة في كتابه وأصاب حينما قال بالتطور، ولكنه أخطأ عندما فسر عملية الارتقاء على أنها تتم بالعوامل المادية التلقائية وحدها ، حيث تتقاتل الحيوانات بالناب والمخلب في صراع الحياة الدموي فيموت الضعيف ويكون البقاء دائماً للأصلح والأقوى.
فإذا كانت هذه النظرية حسب مصطفى محمود تفسر بقاء الأقوى فهي لا تفسر بقاء الأجمل، فإذا دخل تفضيل الأجمل في الحساب فإن النظرية المادية تنهار من أساسها، وتبقى هذه النظرية عاجزة عن تفسير بعض الأشياء مثل لماذا خرج من عائلة الحِمار شيء كالحصان، ولماذا خرج من عائلة الوعل شيء رقيق مرهف كالغزال مع أنه أقل قوة وأقل احتمالاً.
كيف تفسر هذه النظرية جناح الهدهد وريش الطاؤوس وأنواع الفراشات البديعة، يقول مصطفى محمود أننا هنا أمام يد مصور فنان يتفنن ويُبدع ولسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء وحرب المخلب والأنياب كما تصورها داروين.
والخطأ الثاني في التطور حسب مصطفى محمود جاء من أصحاب نظرية الطفرة، والطفرات هي الصفات الجديدة المفاجئة التي تظهر في النسل نتيجة تغيرات غير محسوبة، فأحياناً تكون هذه الصفات الجديدة ضارة كالمسوخ والتشوهات.
وأحياناً تكون طفرات مفيدة للبيئة الجديدة للحيوان، وخطأ هذه النظرية أنها أقامت التطور على أساس الطفرات والأخطاء العشوائية وأسقطت عملية التدبير والإبداع تماماً، وما نراه حولنا من دقة وإحكام في كل شيء يؤكد أن هناك تخطيطاً مسبقاً ولم يأت شيئاً عن طريق الصدفة أو العشوائية ، والمثال الذي ضربه مصطفى محمود لتوضيح هذه الفكرة هو أنه لا يمكن للإنسان أن يرمي في الهواء مجموعة أحرف متناثرة فتكون قصيدة لشكسبير بالصدفة.
وبالنسبة له هذا أكبر خطأ وقع فيه داروين والقائلون بهذه النظرية ،والعقبة الثالثة أمام نظرية داروين حسب مصطفى محمود هو ما يعرف بالخريطة الكروموسومية أو خريطة الجينات، حيث اكتشف العلماء أن لكل نوع من الحيوانات خريطة جينية خاصة به ،ويستحيل أن يخرج نوع من نوع بسبب اختلاف هذه الخريطة.
في النهاية خلُصَ مصطفى محمود إلى أن نظرية داروين تعثرت، وإذا كان التشاب التشريحي بين الحيوانات حيقية متفق عليها وإذا كان التطور أيضاً حقيقة، فإن مراحل هذا التطور وكيفياته مازالت لغزاً وربما كا من الأفضل فهم عملية التطور على أنها كانت تطويراً بفعل فاعل وبذاتٍ مبدعة خلاقة ، ولم تكن تطوراً تلقائياً وصاحبه ، ولم يكن للصدفة والعشوائية أي دور فيها وإنما كانت تخليقاً مُراداً ومخططاً لخالقٍ قدير وحكيم ، وما جاء في القرآن هو أصدق صورة لما حدث.
لتحميل أشهر كتب الدكتور مصطفى محمود
لماذا تم نشر نظرية داروين
هل أقنعتك نظرية داروين ؟ قبل أن تُجيب لابد أن تعرف أن أصحاب مذهب الإلحاد واللادينيين هم الذين قاموا بنشر الداروينية وهم الذين قاموا بتعميم هذه النظرية في شتى المجالات العلمية و وطرحوها في المؤتمرات العالمية منذ ظهورها وحتى يومنا هذا ، لأنها هي النظرية الوحيدة التي تدعم الإلحاد بشكلٍ قوي .
رغم أن داروين نفسه نفى أن تكون نظريته تعارض الإيمان بالإله الخالق ، والسبب في دفاع الكثير من الملحدين عن نظرية التطور هو أن البديل الوحيد لها هو الإيمان بالخالق المباشر، وهم لا يعتقدون بوجود الإله من الأساس ولهذا فهم يرون أن الكون كله خُلق بمحض الصدفة، وأن الإنسان والحيوانات والنباتات ماهم إلا نتاج تطور الطبيعة والخلايا ولا دخل لأحد في خلق هذا الكون ، وهذا ما تدعو إليه نظرية داروين.
وإذا نظرنا إلى الداروينية فهي مجرد نظرية ! مجرد ظن لا تزيد عن هذا الوصف ،فهي ليست حقيقة علمية وغلى الآن فهي تسمى نظرية وليست حقيقة، وبالتالي لايمكن أن نفسر آيات القرآن على شيء ظني لأن هذا الظن قد يتغير في يوم من الأيام .
اقرأ في: شرح نظرية الانفجار العظيم والإعجاز العلمي في القرآن الكريم
اقرا في: نظرية داروين في الإسلام نظرية التطور
ضع تعليقك هنا لتشارك في صنع المحتوى