لماذا بايع الصحابة أبو بكر الصديق بالخلافة
لماذا بايع الصحابة أبو بكر الصديق بالخلافة دون علي بن أبي طالب |
لا يكتمل الحديث عن خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وما تميزت به من النزاهة واختيار أهل الحل والعقد، ثم بيعة العامة ولا يكتمل الحديث عنها إلا بالحديث عن الإجماع الذي ذكره بعض علماء السلف على صحة البيعة، إن إجماع الصحابة على اختيار أبي بكر كان من أصرح الأدلة على صحة إمامته، وهو ما ترجح من أقوال الفقهاء.
وكان من بين الذين نقل هذا القرار الجماعي هو أبو الحسن الأشعري، فإنه قدم وقوع إمامة أبي بكر بالإجماع على النصوص المحتملة في ذلك فقال: أجمع الصحابة الذين أثنى الله عليهم ومدحهم أجمعوا على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وسموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه وانقاضوا له، وأقروا له بالفضل وكان أفضل الجماعة في جميع الخصال التي يستحق بها الإمامة من العلم والزهد وقوة الرأي وسياسة الأمة.
اختلاف الصحابة على الخلافة بعد موت رسول الله
جاءت مصيبة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه كالصاعقة التي لم يتوقعها ولم يفكر بها أحد ، فوجد الصحابة أنفسم في موقفٍ عصيب لا مَراد له من الله.
فقد كانوا إذا احتارت أنفسم في أمرٍ ردوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المُؤيد بالوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيُرشدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صواب الأمر وتنتهي المسألة.
ولكن بعد موت رسول الله فقد تُرك كل واحدٍ إلى رأيه وإيمانه واجتهاده ، ففي بادئ الأمر احتاروا في كيفية غُسل رسول الله وتكفينه ودفنه، ثم صُدم الجميع بهول الصدمة الأولى عندما اجتمع أهل يثرب (المدينة) من الأنصار في سقيفة بني ساعدة ينظرون فيمن يخلفونه على المسلمين منهم بعد وفاة رسول الله.
وقد وقع اختيارهم على الصحابي سعد بن عُبادة رضي الله عنه ، فجاء عبدالله بن مسعود رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينقل له ما يحدث، فلما سمع عمر بالأمر أرسل يطلب أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقال له: إن انقضى هذا اليوم قبل أن يجتمع أمر المسلمين على رجل يخلفُ رسول الله ويرضاه خاصتهم وعامتهم فلينفرطن عقدهم وليذهبن نظامهم ، فتكون مصيبتنا في الإسلام أعظم من مصيبتنا في موت رسول الله.
فذهب أبو بكر الصديق ومعه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما، وقال ما معناه: فيما اجتماعكم هذا يا معشر الأنصار ؟
فقالوا: نحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وإن لنا سابقة في الدين والإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين قد غدوتم حياً منا ورهطاً فينا، ونحن أصل هذه القرية (المدينة) وكثرتها وأحق أن يكون الأمير منا وليس منكم ، وقد اتفقنا على أن يكون خليفة رسول الله هو سعد بن عبادة.
فقال أبو بكر: يا معشر الأنصار أما والله لقد قُلتم فصدقتم ولكن لم يعرف العرب لهذا الدين إلا لقريش وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولقد علمت يا سعد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال وأنت قاعدٌ: قريشٌ ولاة هذا الأمر، فبَرُ الناس تبعٌ لبرهم، وفاجرهم تبع لفاجرهم."فقال له سعد بن عبادة: صدقت، نحن الوزراء وأنتم الأمراء" (مُسند الإمام أحمد).
اقرأ في: قصة عكرمة بن أبي جهل
اقرأ في: من هي الممتحنة التي سميت بها سورة في القران
اقرا في: قصة تابوت العهد في الإسلام
هل أوصى الرسول بالخلافة لعلي |
اختيار أبي بكر الصديق خليفة رسول الله دون علي
بعد أن اتفق الصحابة على أن يكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل قريش أمسك سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه بيد عمر بن الخطاب و أبوعبيدة بن الجراح وقال : قد رضيت لكم أحد أي الرجُلين فبايعا أيهما شئتم .
فنزع عمر يده وقال: لا والذي بعث محمد بالحق وأن أقدم فتضرب عُنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلى من أن أتأمر على قوم فيهم أبا بكر، ولا ينبغي لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتقدم عليك يا أبا بكر فأنت صاحب الغار وثاني اثنين، وقد أمَّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُصلي بالناس وهو مريض.
موقف أبو بكر من البيعة
استنكر سيدنا أبو بكر الصديق البيعة ورفضها حين أصر عمر رضي الله عنه على الخلافة لأبي بكر فقال أبو بكر: أنت أقوى مني يا عمر.
فرد عمر: إن كان بي من قوة فهي لك مع فضلك، ثم توجه إلى المسلمين فقال: يا معشر الأنصار ألستم تشهدون أن رسول الله قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس في الصلاة ؟
فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر ؟
فقال الناس معاذ الله أن نتقدم أبا بكر، ثم قام المسلمون يبايعون أبا بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة، وأما ما يُثار ويعتقده بعض الرافضة من أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يبايع أبا بكر فإنه مردود لا يقبله الدليل ولا العقل.
فقد كان علي رضي الله عنه ممن عينهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالذكر أثناء بيعة العامة من المسلمين في اليوم الثاني من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين سأل عن علي والزبير ، فأمرهما أن يُبايعا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلا ذلك علناً، قال ابن كثير:مبايعة علي بن أبي طالب إما في اليوم الأول أو الثاني من والوفاة.
وهذا حق فإن علي بن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه.
اقرأ في: ما اسم الصحابي الذي نزل جبريل على صورته
اقرأ في: أين مكان رأس الحسين بن علي
اقرأ في: ما اسم الصحابي الذي نزل جبريل على صورته
من أحق بالخلافة أبو بكر أم علي
من أحق بالخلافة بعد النبي
لم ينكر أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحقية أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالخلافة دون علي بن أبي طالب رضي الله عنه أو دون أي أحد من الصحابة آنذاك.
قال ابن القاسم في كتابه: أبو بكر الصديق أفضل الصحابة، وأحقهم بالخلافة: أجمع الصحابة على أفضلية الصديق، وأنه أحق بالخلافة، وولوه باختيارهم ورضاهم من غير أن يضرب أحدًا منهم بسيف ولا عصى، ولا أعطى أحدًا ممن ولاه مالاً وقال عمر ـ رضي الله عنه ـ بمحضر المهاجرين والأنصار: أنت خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ .
وعلي ـ رضي الله عنه ـ نفسه لم ينكر هو ولا غيره أولوية أبي بكر رضي الله عنه بالخلافة، وقد بايع أبا بكر مرتين، فقد روى الحافظ البيهقي من طريق فيه ابن خزيمة عن أبي سعيد الخدري في قصة البيعة يوم السقيفة، وفيه: فبايعه عمر وبايعه المهاجرون والأنصار.
وأما البيعة الثانية: فقد تمت بعد وفاة فاطمة ـ رضي الله عنها ـ كما روى الشيخان في صحيحيهما.
وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه جبير بن مُطعم قال : أَتَتِ امْرَأَةٌ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَرَهَا أنْ تَرْجِعَ إلَيْهِ، قَالَتْ: أرَأَيْتَ إنْ جِئْتُ ولَمْ أجِدْكَ؟ كَأنَّهَا تَقُولُ: المَوْتَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتي أبَا بَكْرٍ.
ومن يقرأ السيرة النبوية المُطهرة يجد أن الله ورسوله قدما أبا بكر الصديق رضي الله عنه عن كافة الصحابة وأمة محمد أجمعها.
هل أوصى الرسول بالخلافة لعلي
قال الإمام ابن باز رحمه الله هذا القول لا يعرف عن أحد من طوائف المسلمين سوى طائفة الشيعة، وهو قول باطل لا أصل له في الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما دلت الأدلة الكثيرة على أن الخليفة بعده هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعن سائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكنه صلى الله عليه وسلم لم ينص على ذلك نصاً صريحًا، ولم يوص به وصية قاطعة، ولكنه أمر بما يدل على ذلك، حيث أمره بأن يؤم الناس في مرضه، ولما ذكر له أمر الخلافة بعده قال عليه الصلاة والسلام: يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر ولهذا بايعه الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ومن جملتهم علي رضي الله عنه، وأجمعوا على أن أبا بكر أفضلهم.
هذا والله أعلم.
المصادر/
كتاب النهاية لابن الأثير .
كتاب منهاج السنة النبوية لابن القيم.
كتاب الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم .
كتاب إعلام الموقعين لابن القيم .
صحيح البخاري.
(مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 3/324).
اقرأ في: من الرجل الذي هزم عمر بن الخطاب وقتله علي بن أبي طالب
اقرأ في: قصص رائعة حدثت بين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب
اقرأ في: لماذا تأخر دفن النبي محمد وما الخلاف الذي وقع بين الصحابة بعد موته
ضع تعليقك هنا لتشارك في صنع المحتوى