ما هي قصة بقرة بني إسرائيل
من القصص التي وهبنا الله إياها في القرآن الكريم قصص الحيوان، وهي التي لها من العبرة والعظة للإنسان ما يجعلها مصدر تشريع وأحكام، ومن تلك القصص العجيبة قصة بقرة بني إسرائيل ، سوف نستعرض تفاصيل قصة بقرة بني اسرائيل مختصرة،
والدروس المستفادة من قصة بقرة بني إسرائيل المعجزة.
قصة بقرة بني إسرائيل كما وردت في القرآن |
قصة الغلام صاحب بقرة بني اسرائيل
الله سبحانه وتعالى حين يقُص القصص في القرآن لا يمكن أن يكون الهدف هو التسلية أو ماشابه ذلك، ولكن يريد الله عز وجل أن يُعلمنا ويُرشدنا إلى أحكام التشريع، فترى في القرآن الكريم العديد من القصص.
والقصص أنواع فهناك قصص الأنبياء، وقصص أقوام من سبقونا، وهناك قصص الحيوان في القرآن الكريم، والتي يُذكر فيها نوع من الحيوانات التي يختصها الله في مواقف معينة مثل قصة النملة مع سُليمان -عليه السلام- أو كلب أهل الكهف.
أو قصة بقرة بني إسرائيل المعجزة التي هي موضوعنا الآن ، تلك البقرة التي جعل الله لها سورة في القرآن الكريم باسمها لما يمكن أن الإنسان من دروس وعبر من قصة بقرة بني اسرائيل، فمن أين جاءت تلك البقرة ومن صاحبها؟
اقرأ في: من الرجل الذي هزم عمر بن الخطاب وقتله علي بن أبي طالب
كان في بني إسرائيل على زمن نبي الله موسى -عليه السلام- رجلٌ صالح، يتحرى الصدق في مكسبه وإنفاقه، وكان لذلك الرجل غلامٌ صغير، ولا يملك من المال شيء سوى عِجْلَة (بقرة صغيرة) يرعاها.
وحينما أحس ذلك الرجل بدنو أجله واقتراب الموت أراد أن يستأمن أحداً على البقرة حتى يكبر الغلام ويأخذ ورث أبيه، فلم يجد أميناً على بقرته إلا الله عز وجل، فوقف في الغيضة وقال :وهو متوكلٌ على الله اللهم إني أستودعك هذه البقرة لولدي وأطلقها في الغيضة.
ثم ذهب إلى زوجته وقال لها: إني استودعت البقرة عند رب العالمين، فعندما يرشدُ ولدنا يذهب عند المكان الفُلاني ويطلب من الله وديعته، وفارق الرجل الحياة، وبعد مرور الأيام والسنين كبر الغلام وصار شاباً صالحاً على غِرار أبيه، طائعاً لله، باراً بأمه، لا يفعلُ في الحياة شيء دون إذن أمه.
حينها حدثته أمه بقصة البقرة التي تركها أبوه و طلبت منه أن يذهب ويسترد البقرة التي أودعها أبوه أمانة عند الله، فقال: لها كيف أستردها يا أماه ولا أعرف لها سبيل ، فقالت الأم يا ولدي: ألا تكن كأبيك؟ أبوك توكلَ واستودع ، وأنت توكل واستَرِد.
فذهب الشاب عند الغيضة وقال: اللهم يارب إبراهيم رد إليَّ ما استودعه أبي عندك، فجاءته البقرة وكانت ترد يد كل إنسان يُقبل عليها، فأخذ الشاب وديعته وذهب إلى أمه.
قصة بقرة بني إسرائيل في سورة البقرة
كان في نفس المكان بأسباط بني إسرائيل رجل ذا مالٍ كثير، وكان شيخاً كبيراً وله بنو أخ يتمنون موته حتى يرثوه، فعمد أحدهم إلى قتله بالليل وطرحه في مجمع الطرق ، فلما أصبح الناس اختصموا فيه وجاء ابن أخيه فجعل يصرخ ويتظلم.
فقال بنو إسرائيل مالكم تختصمون ولا تأتون نبي الله، فجاء ابن أخيه فشكى أمر عمه إلى رسول الله موسى -عليه السلام- وطلب منه أن يفتيهم في مقتل عمه ، فسأل سيدنا موسى -عليه السلام - الله عز وجل فأمره الله أن يأمرهم بذبح بقرة.
فقال: "إِنَّ الله يَأْمُركُم أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرة قَالُوا أَتَتخذُنَا هُزْوَاً" يعنون نحن نسألك عن أمر هذا القتيل فتقول لنا اذبجوا بقرة "قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلين" فهذا ما أجابني الله به حينما سألته عنا سألتموني عليه، ثم راحوا يسألون نبي الله موسى -عليه السلام- عن مواصفات البقرة.
وقال ابن عباس في هذا أنهم لو ذبحوا أي بقرة لستوفت بالغرض وقُضي الأمر ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم، أي أنهم سألوا النبي أكثر من اللازم فصَّعب الله عليهم صفات البقرة.
قصة بقرة بني إسرائيل كما وردت في القرآن |
صفات بقرة بني إسرائيل
لما أمر سيدنا موسى -عليه السلام- بني إسرائيل أن يذبحوا البقرة، شددوا في السؤال فشدد الله عليهم في الإجابة " قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لَا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ" والفارض هي البقرة التي أنجبت أكثر من مرة فهي بذلك كبيرة السن، أمَّا البكر فهي التي لم تؤت أي لم تتزوج كما عند البشر، عوانٌ بين ذلك أي بين الكبيرة والصغيرة.
ثم شددوا وضيقوا على أنفسهم فسألوه عن لونها " قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ" فأمر الله بني إسرائيل أن تكون البقرة صفراء فاقع اللون أي لون أصفر مُشَرَّب بالحُمرة تُعجب من يراها وهذا اللون قليل الوجود، ثم شددوا أيضاً فقالوا "قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ".
فقال نبي الله موسى-عليه السلام- " قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ" بقرة لا ذلول يعني لا هي المُذللة في الحراثة وسقي الأرض، ومُسلمة أي هي الصحيحة التي لا عيب فيها من مرض وغير ذلك ، ومعنى لاشية فيها أي ليس فيها لون يُخالف لونها.
وهذه الصفات أضيق وأصعب مما تقدم حيث أن في البداية أمرهم الله أن يذبحوا بقرة فحسب، لكنهم وهي عادة بني إسرائيل شددوا في السؤال فشدد الله عليهم وعز عليهم الإجابة، ولم يجدوا كل تلك الصفات العصيبة إلا عند ذلك الشاب صاحب البقرة.
فسألوه إياها ووضعوا له ثمناً قليل، فقال اتركوني حتى أسأل أمي، فرفضت الأم ذلك الثمن، فزودوها فلم ترضى، حتى وصل الثمن إلى وزن البقرة ذهباً ويُقال وزنها عشرة مرات ذهباً ، فباعهم البقرة.
بعد ذلك أمرهم نبي الله موسى -عليه السلام- أن يأخذوا من لحم هذه البقرة ويضربوا به ذلك القتيل "فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا" وحدثت المعجزة أحيا الله القتيل فقام فسأله نبي الله من قتلك ؟ قال : قتلني ابن أخي، ثم عاد ميتاً كما كان "كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" فسبحان الذي أحيا الميت بالميت ولا يُسأل عما يفعل بل هو السبب والمُسبب عز وجل.
والله أعلى وأعلم.
المصادر /
كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير
قصة بقرة بني إسرائيل للشيخ الشعراوي
ضع تعليقك هنا لتشارك في صنع المحتوى