من هم الذين تكلموا في المهد
هناك بعض الأشخاص الذين تكلموا في المهد بأمر الله، وقد ذكر الله في القرآن الكريم منهم نبي الله عيسى -عليه السلام -، كما أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم - في السنة النبوية الشريفة باقي هؤلاء المختارون بالتكلم في المهد دونً عن سائر بني البشر، فمن هم الذين تكلموا في المهد وما قصة كل فردٍ منهم؟
التكلم في المهد من معجزات الله الكبرى
نعلم جميعاً نحن المسلمون ونؤمن أن الله عز وجل على كل شئ قدير، لا شئ يعوزه ولا جبار يقهره، ولا تقف قدرته عند حد معلوم أو منتهى محدود، فليس لقدرته نهاية، وإنما تنطلق قدرته في كل مكانٍ وزمان.
تأمل في الأسباب والمسببات تجد أن الله عز وجل جعل المسببات مرتبطة ارتباطٌ شرطي بالأسباب، فمن أدى الأسباب نال المسببات بإذن الله، إلا أن حرية القدرة الإلهية جائتنا بالعجب العُجاب.
فالأسباب والمسببات بيد الله سبحانه وتعالى وحده، يغيرها ويقلبها كيف يشاء، ومن طلاقة القدرة الإلهية أن يتكلم مولود في المهد، فهنا خرجت نتائج الأشياء عن أسبابها و وضع الأمر في يد الله فلا نقدر أن نُخضع عظمة الله وقدرته إلى أسبابنا نحن المخلوقون.
تعريف المهد في اللغة
"مهد الصبي هو موضعه الذي يُهَيَأ له ويوطأ لينام فيه " والمقصود بالتكلم في المهد هو أن يُنْطِق الله المولود في وقت لم يتكلم الأطفال فيه مطلقاً، هو وقت الرضاعة الأولى. فمن الذين تكلموا في المهد؟ّ!
الذين تكلموا في المهد
لقد ذكر أهل العلم في سيرة الذين تكلموا في المهد ما يتمثل في الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال: " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى بن مريم، وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جُرَريج فذكر قصته وفيها: ثم أتى الغلام فقال: من أبوك يا غلام؟ فقال: الراعي.
ثم قال: وكانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل، فمر بها رجل راكب ذو شارة، فقالت: اللهم اجعل ابني مثله، فرتك ثديها فأقبل على الراكب فقال: اللهم لا تجعلني مثله".
اقرأ في: هل النبي رأى الله في الإسراء والمعراج
اقرأ في: من الرجل الذي هزم عمر بن الخطاب وقتله علي بن أبي طالب
اقرأ في: ما هو جِماع الأقطن وما الضرر منه على الرجل والمرأة
عيسى بن مريم
نص عليه القرآن الكريم في سورة مريم قال تعالى: " فَأَشَارَتْ إِلَيْه قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي المَهْدِ صَبِيا قَالَ إِنِّي عَبدُ الله "، وفي سورة آل عمران قال تعالى :"إِذْ قَاَلَتِ الَملائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إنَّ الله يُبَشَّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدَنْيَا والآخِرَةِ وَمِنَ المُقربِين وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فيِ المَهْدِ وكَهلاً ومِنَ الصَّالِحِين ".
وبذلك فإن سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام تكلم في المهد، حتى يثبت الله سبحانه وتعالى لبني إسرائيل عفة العذراء مريم ، وأن عيسى -عليه السلام - نبي من الله مرسل، والجدير بالذكر أن نبي الله عيسى - عليه السلام - لم يتكلم بعد ذلك في المهد حتى كبر وتكلم مثل باقي البشر.
طفل جريج
كان جُرَيج رجلاً عابداً زاهداً من بني إسرائيل ، وكان شديد الحرص على فرائض الله، وذات يوم نادته أمه وهو يصلي يا جريج، ففكر في نفسه وقال أمي و صلاتي.. أمي و صلاتي فانصرف إلى صلاته وترك أمه.
وفي يوم آخر تكرر الموقف فانصرف أيضاً إلى صلاته وترك أمه، وفي اليوم الثالث أيضاً لم يُجب أمه وانصرف إلى صلاته، فدعت عليه أمه وقالت : "اللهم لا تُمِته حتى ينظرُ إلى وجوه الموميثات "، فاستجاب الله دعاء الأم في الحال.
ومن ناحية اجتمع بنو إسرائيل يتآمروا على العابد جريج وأبغضهم أن يكون هو الصالح العابد وهم الطالحون الناشزون عن عبادة الله.
فاستأجروا امرأة من أهل الزنا لتُراود جُريج عن نفسه فيقع معها في فاحشة الزنا -حفظنا الله من كل شر -، فذهبت المرأة إلى صومعة جُريج وأخذت تتحرك جانبها وجُريج يقول لا حول ولا قوة إلا بالله واستغفر الله.
وعندما يأست منه انصرفت من عنده خاسئة، فقابلت أحد رعاة الغنم في الطريق فهَمَّ بها فوقعت معه في الزنا وحَبلت منه، وعندما وضعت رضيعها قالت أن هذا الطفل من جريج، فأخذه بنو إسرائيل وذهبوا إلى صومعة جريج وهدموها، وقالوا له: يا جريج أتصلي وتزني؟
فقال لهم جريج: دعوني أصلي، فتوضأ وصلى لله ركعتين وقال لهم أحضروا الغلام، فنظر جُريج إلى الغلام وقال له يا غلام من أبوك؟ فرد الغلام أنا ابن الراعي، فقالوا له: يا جريج نبني لك صومعة من ذهب، قال: لا إلا من طين.
طفل بنو إسرائيل
كانت امرأة من بني إسرائيل ترضع صبياً لها إذ مر الناس برجل في هيئة حسنة، فهذه المرأة قالت اللهم اجعل ابني مثله، فترك الصبي ثدي أمه وقال اللهم لا تجعلني مثله، ثم مروا بامرأة يضربونها ويقولون لها زنيتي وسرقتي، وهي تقول لم أزني ولم أسرق وحسبي الله لا إله إلا هو.
فقالت المرأة اللهم لا تجعل ابني مثلها، فترك الطفل اللهم اجعلني مثلها، وقال الطفل لأمه إن الأول كان ظلوماً جباراً، وأمَّا المرأة الآخرى لم تزني ولم تسرق.
روايات أخرى عن الذين تكلموا في المهد
هناك بعض الروايات ذكرت عن الذين تكلموا في المهد وأن عددهم خمسة وفي رواية أخرى ستة أطفال، لكن الثابت الصحيح الذي لا لبث فيه هي الرواية السابق ذكرها من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه -.
أمَّا القول بأن هناك آخرون تكلموا في المهد مثل ابن ماشطة ابنة فرعون، والطفل في قصة أصحاب الأخدود، وشاهد سيدنا يوسف -عليه السلام - فقد ضعف أهل العلم تلك الروايات ولم يرد في خبر مرفوع صحيح، والصواب أن نميل إلى الحديث الصحيح بأن الذين تكلموا في المهد هم ثلاثة فقط.
هذا والله أعلم.
اقرأ في: قصة برصيصا عابد بني إسرائيل الذي سجد للشيطان
اقرأ في: ما هو جِماع الغيلة وماذا قال فيه النبي وما الضرر منه
ضع تعليقك هنا لتشارك في صنع المحتوى