المرأة العصرية في قفص الاتهام
مشاكل الأسرة بسبب المرأة |
يا لتعاسة هذا الجيل من الرجال والنساء مما يلقاه من هزَاتٍ إجتماعية عنيفة أطاحت به في مهب ريحٍ عاصف ، مايلبث أن يخرج من واحدة حتى يتلقي الأخرى دون سابق إنذار ، يتغير وتتغير به الظروف بسرعةٍ مذهلة ولا يدري بأي ذنبٍ تتابع عليه كل هذه الضغوط فأصبح يحسب نفسه ضحية القدر والأيام وهو في واقع الأمر الجاني مع سبق الإصرار .
مجتمعاتنا ذكورية الطبع :-
إن مجتمعاتنا العربية من قديم الأزل تحمل الطابع الذكوري ولكن إن أردنا تصحيح ذلك المفهوم فعلينا الاعتراف بأن هذا الطابع كان يفرض نفسه خارج المنزل أي أنه متواجد في الشوارع و أروقة العمل بمختلف دروبها وأصنافها ، إنما داخل جدران البيت فمن المنطق أن تكنْ للمرأة الغلبة الكبرى وبهذا يتسنى لميزان الطبيعة الاعتدال ، شئنا أم أبينا تلك هي الحقيقة وهذا هو النِصَاب الحق.
وبمرور الأيام يظهر ويفرض نفسه على أرض الواقع سواء في مجتماعتنا النامية المعروفة بالرجعية والتخلف أو هناك في بلاد العيون الزرقاء والشعر المصفر الذين جمعوا علوم الدنيا وبرعوا من خلالها في صناعة نسيجاً لامعاً يُضفِي على هيكلهم الخاوي بريقاً زائلاً ماهي إلا سنوات عدة وتنطفئ كل هذه الأضواء وتنهار كل هذه البنايات التي تفتقد لرباط المبادئ سواء كانت نابعة من ديننا أو من جذور أصولنا العريقة ..نعم المبادئ التي وللأسف يحتفظ مجتمعنا بالكثير منها في غرفة الكراكيب ، وهذا ما يجعلنا منذ ذلك الحين وإلى أن يشاء الله في غيابات الجُب .
إن من أُولَى أساليب الإدارة الناجحة هي وضع الأشخاص والأشياء في أماكنها الصحيحة ، والله سبحان وتعالى -ولله المثلُ الأعلى- حين خلق الكون لا شك أنه وضع كل شئ في مكانه اللآئق وسن له القانون والميثاق الذي يحافظ به على دوره في الكون حتى يكن في تناغم مع باقي المخلوقات من حوله ولا يحدث خلل في ميزان الطبيعة ، وبالمنطق المعقول للأشياء إذا كان هناك الإلتزام من المخلوق بمنهج الخالق ستسير الأمور كما ينبغي لها أن تسير ، وحدث هذا مع جميع مخلوقات الله إلى أن خُلق الإنسان وقرر الإبتعاد عن المنهج فلم يضر إلا نفسه ولم يقطع إلا كفه .
تخلى الرجل عن دوره وكذلك المرأة:-
ظل الرجل خارج البيت يعمل ويكد ويؤدي دوره الذى قُدر له
كراعي مسؤول عن الأسرة يعول الأسرة بالإنفاق ويشملها برعايته وحسن توجيهه لها فى
عتمة طرقات الحياة وهكذا ظلت المرأة ولكن داخل البيت تكدح وتشقى ، تعجن الصبر
بالأمنيات و تحلم بالبيت العامر قبل حلول الحصاد ،وحين يخيب رجاؤها تغضب ككل
النساء لكنها في دقائق تَمضِي تُغني وتمرح في حب الحياة، وظل كلٍ في مكانه
بما يحفظ للجميع التوازن المنطقي ،
إلى أن تخلى الطرفان ،
تخلى الرجل عن الرعية و انفلت منه زمام الأمور ، وتخلت المرأة عن البيت تركت
النواة الذرة ، فقد الميزان ثُقله، حطمت المرأة جدران البيت العامر فوق رؤوس
الجميع حين ظنت يوماً أنه سجناً وأنها لم تُخلق لهذا السجن فخرجت وبأعلى صوت مناديةً اعطني حريتي أطلق يديا.
في بادئ الأمر نادت بالقضية الكبرى والعنوان الصادم (المساواة بين الرجل والمرأة ) دون أن تعي أنه لا يجوز المساواة بينهما ببساطة شديدة لأن الرجل والمرأة كائنان مختلفان وإن أردنا المساوة بين الأشياء فلابد من التطابق في الأصل فمثلاً لا يصح أن أُجري عملية جمع أوطرح لمقدار من الفئة (س) والفئة (ص) لابد أن يكون المقداران كلاهما إما (س) أو (ص) ،إنما العلاقة التي تربط الرجل والمرأة هي علاقة تكاملية ، فهو له دوره في الحياة الذي شرعه الله وهي كذلك ، ومن هنا فقضية المساواة بين الرجل والمرأة بها مغالطة كبيرة.
وتحت عنوان هذه المغالطة أثارت المرأة العربية بصفة عامة والمصرية بصفة خاصة الكثير من الجدل والإشكاليات منها خروج المرأة للتعليم دون ضوابط شرعية وإجتماعية وخروجها للعمل دون تلك الضوابط ،وهكذا ....فتخلت عن دورها في دائرة الحياة واستبدلته بدورٍ آخر وبذلك كان العبث بميزان الطبيعة فانهالت على الأسرة متغيراتٍ شتى في جميع النواحي بمعنى أصح انهارت الأسرة والمجتمع وتوالت عليه الأمراض والعلل التي نعاني منها كل يوم.
أصبحت المرأة أمام وهج التحضر والحرية الفجائية مشتتة الرغبة لا تعرف ماذا تريد ، تندفع بشكل هوجائي في كل الطرق في وقت واحد ، إنها تريد الخروج و السفر حول العالم تريد الحب وتريد الجنس ، تريد المغامرة بكل شئ من أجل المغامرة فقط ، ترفض كل ماهو قديم لمجرد أنه قديم وتهلل بكل جديد حتى وإن كان لا يتفق مع ديننا و بيئتنا ،بأي ثمن تريد إثبات نفسها والإنتصار على هذا الكائن المدعو رجل ، أصبح إحساسها بحققوها يفوق بكثير إحساسها بمسؤليتها لأنها تمر بمنعطف جديد ، إنها كالطائر الحبيس الذي فُتح له القفص لا يرغب فى شئ سوى التصفيق بجناحيه والطيران في جميع الاتجاهات الأربعة .
ليتها بعد كل هذا راضية
، ليتها بعد أن قطعت كل تلك المسافة من العناد الطفولي والتقليد الأعمى قانعة ، بل
دائماً تعسة ، يتملكها طموح يصل إلى حد المرض ، تطلب ألف شئ ولا تقدم مقابله أي شئ
، ولما العجب من تعاستها وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" ما جُعل
خير أُمتي فيما حُرم عليهم "
لا أُحرم تعليم المرأة
ولا أحرم عمل المرأة ولكن وضع الله الضابط لكل شئ وجعل
عمل المرأة للضرورة فقط وهي تخلت عن كل الضوابط و أصبحت هي المُشرع المُسن
للقوانين ، فعَرَضَتْ نفسها لأمراض النفس والهوى وتركت المجال لمخالب الشيطان
تنغرز في قلبها لينزف منه كل قطرة حياء وكل قطرة خجل فُطرت عليها ، ويُسقي حرثها
بماء الإبتذال وسوء الخلق والعنترية الفارغة .
لا أريد من حالة الفوران الداخلي التي أنا بصددها تجعلني
وضع المرأة في قفص الاتهام وحدها لكن لابد من محاكمة الرجل قبلها لأنه فرط في دوره ك رجل وهذا أبلغ وصف .
لكن الشئ الذي يجعلني
أشفق على الرجل أنه يدفع الثمن كل يوم ، يدفع الثمن حين لا يستطيع أخد قرار في بيته والرأي أصبح للست، حين يرى الكلاب الضارية تمزق جسد زوجته العارية في الطرقات
بأعينهم ولا يستطيع أن يأمرها بالحجاب الشرعي لتحافظ به على عرضه ، حين يرى أولاده
دون تربية ولا ذوق ، حين يرى أمه تعمل خادمة لزوجته،
حين تذهب زوجته للعمل وتعايره بالإنفاق على البيت ومن الممكن أن تهدر ما تتقاضاه من عملها وتطلب منه المزيد ، حين يرى زملائها الرجال يحادثونها في الهاتف بل ويلتقون في الخارج ،حين تتباهى عليه بشهادتها العُليا أو تتباهى عليه بأصول أهلها وحسبها ، حين لا يستطيع أن يأمرها بشئ لأنها من الممكن و ببساطة أن ترد أمره في نحره ، يدفع الثمن كل يوم يشعر فيه بأنه ليس رجل ، يشعر أنه ا م ر أ ة .
ضع تعليقك هنا لتشارك في صنع المحتوى